القمر هو اقرب الكواكب الى الارض، واذا ما نضبت لدينا مصادر الطاقة، فباستطاعتنا الاعتماد على القمر لتعويضها، حيث سيكون بالنسبة لصناعاتنا الاستخراجية منجماً من ذهب، ففيه يوجد الاوكسجين والسيليكون والحديد والكالسيوم والهيلينيك والمغنيسيوم واليورانيوم والثوريوم والعديد من العناصر الاخرى التي تتراجع كمياتها على كوكبنا الارضي باستمرار. ان الكثير من هذه المعادن يمكن الحصول عليها من القمر، او من الكواكب الاخرى، وهي موجودة على عمق خمسة امتار من سطح القمر، وقد تكونت بفعل الغبار المتطاير من المناطق المرتفعة فيه.
وهذه المرتفعات هي اقدم بكثير من المرتفعات الموجودة على سطح الكرة الارضية، وكسوتها الخارجية لم تتعرض طوال تاريخها للماء او الهواء.
ان الاستعانة بمصادر الطاقة الفضائية لم ينطلق من نذير نضوب المواد الاولية في الارض فحسب، بل ومن انتشار خبر الخطط الهادفة الى بناء العديد من قواعد الإنتاج في القمر والمريخ.
ومن جملة المشاريع التي تدور في اوساط المختصين حول استغلال ارض القمر، تبرز فكرة تصنيع مواد البناء كالاسمنت والطابوق وغيرهما من تربة القمر التي تعتبر مركباتها ملائمة لظروف الارض، ولكن تحميل وتسويق هذه المواد بواسطة المركبات والسفن الفضائية الى الارض عملية ليست هينة مطلقاً، فهي محفوفة بالمصاعب الجمة.
وحسب بعض المختصين، فان سعر الكيلوغرام الواحد الذي ينتج وينقل الى الارض سيكلف سفينة الفضاء آلاف الدولارات.
اما الرأي المعارض لهذا الرأي فيشير الى ان اعتماد التكنولوجيا المستخدمة في كوكب الارض، التي تتناسب مع نوعية تربة القمر وبعض المذنبات، لتشابه خصائص كلا النوعين من التربة، سيقلص حجم الانفاق، وبذلك سينخفض سعر هذه المنتجات.
الهيليوم أغلى من الذهب
وبعد ان نستهلك المحروقات الواقعة تحت تصرفنا في كوكب الارض، سوف نتجه بسهولة بالغة الى استيرادها من القمر.
ومن بين هذه المحروقات «الهيليوم» النادر في كوكبنا الارضي. وقد اعدت خطط تكنولوجية مدروسة لاستخراج الهيليوم ــ 3 من القمر.
وفي الوقت الراهن، فان هذه الخطط يعلق عليها العلماء آمالا كبيرة.
ويقول الفيزيائي الاسترالي الشهير مارك اوليفانت: «ان القمر يحتوي على كميات خيالية من الهيليوم ــ 3، وبامكان واحدة من المؤسسات النووية استخراج كميات هائلة من دون الحاجة الى اجراء عمليات فصل اشعاعي بين الجزيئات، كما يجري في المفاعلات النووية لانتاج الطاقة الكهربائية.
ويمكن ايضا الحصول على غاز الهيليوم النادر من محيط المشتري وزحل واورانوس».
ثلاثة طرق فضائية
كيف يبدو المسمار المفترض اطلاقه الى الكواكب، لاستخراج المواد الاولية؟
يؤكد العلماء على وجود تشابه بين تركيبة تربة الارض وتربة الكواكب والاجرام التي تطوف بالقرب منها.
ويفضل بعض العلماء التوجه اولا الى الاجرام القريبة من الارض للحصول على مصادر الطاقة، فإذا تم احتلال احد هذه الاجرام من اجل انتاج النيكل والحديد مثلا، فإننا بذلك نستطيع توفير الطاقة لملايين السنين القادمة. فالوصول الى هذه الاجرام التي تفوق حجم كرتنا الارضية، اسهل بكثير من الوصول الى الكواكب الاخرى.
اما آلة الحفر التي يمكن نقلها بواسطة المسمار الى الجرم الفضائي المطلوب، فيجب ان تكون ذات اسنان وسكاكين قادرة على قلب طبقات التربة وحفرها، وتكسير احجار المواد الاولية الموجودة في اعماق المناجم، ومن ثم مد كتلة حديدية من المغناطيس الى الداخل لالتقاط تلك الاحجار ونقلها الى الارض على ظهور السفن الفضائية.
بناء القواعد على سطح القمر
إن اهم شروط استخراج وانتاج المواد الاولية على سطح القمر، هو تواجد الايدي العاملة هناك.
وهذا يتطلب توفير السكن لهم، فضلا عن توفير المستلزمات الحياتية الاخرى لانجاز عملهم بصورة منتظمة.
ومن جهة اخرى، فإن الاختصاصيين يشيرون الى ان المسافة بين الارض واقرب الاجرام الفضائية تبلغ 384 ألف كيلومترا، حيث يقطعها الصاروخ في غضون اربعة ايام فقط، وهي فترة قصيرة نسبيا، وهذا يعني ان عملية اطلاق الصاروخ ووصوله الى الجرم الفضائي ثم تحميله بالمواد الاولية وعودته الى الارض قد لا يستغرق ذلك اكثر من 10 أيام، بعد استكمال بناء قاعدة الانتاج هناك.
وأول قاعدة ستبنى على سطح القمر، سينتهي العمل بها في غضون عام 2020، حيث تم اختيار قطعة الارض في احد الاقاليم المختارة، التي يوجد فيها تركيز للجليد، بحيث يمكن عبره الحصول على الماء والاوكسجين للتنفس، والهايدروجين لتوفير طاقة الاحتراق لتشغيل الصاروخ.
وبسبب عدم توافر الجو المشابه لجو الارض، ولكون القمر اكثر تعرضا للاشعاعات الجوية، فإن تواجد الإنسان هناك ولفترة طويلة، يمكن ان يعرضه لمخاطر جدية، لذلك يقترح الخبراء ان يجري بناء القاعدة الانتاجية تحت سطح القمر باستخدام مواد عازلة متوافرة هناك، او ان يتم السكن في خيم هوائية خاصة.
الأحد فبراير 28, 2010 7:59 am